alhemo web sit مدير المنتدى
عدد المساهمات : 115 تاريخ التسجيل : 14/05/2010 العمر : 38 الموقع : موقع طلاب جامعة النيلين كلية علوم الحاسوب وتقانة المعلومات
alhemo الحيمو للمونتاج والدوبلاج: الحيمو للمونتاج والدوبلاج | | | منتديات طلاب جامعة النيلين كلية علوم الحاسوب مركز الحرية |
| موضوع: للصائم فرحتان الأربعاء أغسطس 01, 2012 9:17 am | |
| روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: >قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي، وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، ولا يجهل، فإن شاتمه أحد أو قاتله، فليقل: إني صائم، مرتين، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه< رواه أحمد ومسلم والنسائي·
إن المتأمل في هذا الحديث سيجد أن بعضه قدسي وبعضه نبوي، فالنبوي من قوله صلوات الله وسلامه عليه: >والصيام جنة< إلى آخر الحديث، والقدسي ما قبل ذلك، وهو صدر الحديث، وهو من الأحاديث الجامعة لكل خصال الخير، وبشائر الخير، ونعم الله العديدة وفضله العميم على الصائمين، فكل العبادات لله تعالى، وكل عبادة لا يقصد بها وجهه سبحانه لا قيمة لها، لأنها عبادة مردودة وحابطة، ولا تسمى عبادة إلا إذا خلصت تماماً وتمخضت بجوهرها وعرضها لله تعالى، ومع ذلك يختص الحق سبحانه وتعالى الصيام بوضع ومركز غير عادي، فهو لله وحده يتكفل بالمثوبة العظيمة عليه، فلكل عبادة أجرها المعلوم إلا الصوم فإنه يختص بأجر ومثوبة لا يعلم قدرها إلا الله، وهذه وحدها تبعث على السرور بل هي قمة الفرحة لأن العطاء يكون على قدر طاقة المعطي، وإذا كان المتكفل بالجزاء والمثوبة هو الحق سبحانه وتعالى مالك الملك والملكوت، قيوم السموات والأرض، من بيده كل شيء وهو يجير ولا يُجار عليه، فإن عطاءه وجزاءه ومثوبته تكون بلا حدود، وذلك مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى في الآية 10 من سورة الزمر: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)·
علاقة الصيام بالصبر
إن للصوم علاقة وطيدة بالصبر، لأنه صبر على الجوع والعطش وشهوة النفس والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وهذا هو الصبر على الصيام المادي، وهو أيسر أنواع الصبر بالنسبة للصائم، لأنه مجرد إمساك عن شهوتي البطن والفرج فحسب، أي بمثابة حرمان مادي موقت ينقضي لمجرد غروب الشمس وحلول لحظة الفطر، أما الصبر الحقيقي في الصيام فهو الصبر على هوى النفس، فالصوم يجب أن يمتد إلى اللسان فلا يرفث بفحش القول، ولا يصخب برفع الصوت، ولا يجهل بتسفيه غيره، ولا يتلوث بغيبة أو نميمة فهو صامت عن كل ما لا يرضي الله، فإن قاتله أحد فليقل إني صائم، إني صائم، ليحجز نفسه عن رد العدوان، استجابة لقول الحق سبحانه وتعالى في الآية 34 من سورة فصلت: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)· فهذا هو صوم اللسان وصبره، وتصوم أيضاً جوارحه فلا تمتد يده إلا بالعمل الصالح، فلا تعرف العدوان ولا تسانده بل تدافع عن الحق وتدفع الباطل بكل ما أوتيت من قوة، وتصوم قدمه عن السعي فيما يغضب الله، فلا تمشي في الأرض بالفساد، ولا تعيث بين الناس بالإفساد، وإنما تمضي في دروب الخير، وتسير في طرق الإصلاح وتسعى في سبل الفضيلة والحق بكل جهدها·
هذا هو الصيام الذي يجازى عنه الصائم الجزاء الأوفى من الله سبحانه وتعالى الذي يفرحه فرحاً عظيماً لا مثيل له في يوم القيامة، (يوم لا ينفع مال ولا بنون· إلا من أتى الله بقلب سليم) الشعراء: 88 ـ 89، هذا هو صيام الصابرين الصادقين، ولذا يستحقون عليه خير العطاء والمثوبة من رب العباد سبحانه وتعالى·
الصيام والمسك
إن الصادق الأمين صلوات الله وسلامه عليه، يقسم قائلاً: (والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك< والخلوف هو تغير رائحة الفم بسبب الصوم، وهي رائحة غير مقبولة، تنكرها الأنف في الدنيا، وتفرح لها وتبتهج في الآخرة لطيب عرفها، ونفاذ عبيرها، وقوة عطرها، بمسكها الفواح الذي لا مثيل له في دنيا الناس، لأن العطاء في الآخرة بمعايير مختلفة سداها ولحمتها، ما لعين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وهذه فرحة يفرحها الفم فيبتسم عطراً، ويفيض مسكاً، ويفوح عبيراً يكفي لتضميخ الدنيا كلها بلا انقطاع ولا زوال·
دم الشهيد وريح فم الصائم
الشهيد هو الذي قتل بأيدي الكفرة في المعركة فلا يغسل، ويدفن في دمائه، ولا يغسل أي شيء منها لما رواه أحمد من أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الشهداء: >لا تغسلوهم فإن كل جرح أو كل دم يفوح مسكاً يوم القيامة<، وفي رواية: >زملوهم بثيابهم اللون لون الدم والريح ريح المسك<، والذي يخلص من هذين النصين أن دم الشهيد كريح المسك عند الله يوم القيامة، أما الصائم فرائحة فمه المتغيرة >الخلوف< بسبب الصوم تكون أطيب عند الله من ريح المسك، الشهيد دمه كريح المسك، والصائم فمه أطيب من ريح المسك، لأن الشهيد قتل في الجهاد الأصغر، والصائم قاتل نفسه وجاهدها وهي الجهاد الأكبر مصداقاً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما رجع من إحدى غزواته: >رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وهو جهاد القلب<· أي جهاد النفس، لأن النفس كما يقول الحق سبحانه وتعالى في الذكر الحكيم: (إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم) يوسف:35، فالصيام جهاد كبير للنفس، ومقاومة مستميتة ومستمرة لشهواتها في صدق وإخلاص ولذلك استحق الصائم شرف طيب الفم لدرجة هي أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، ولذا حق له الفرح وأي فرح >إنه الفرح الدائم، والسرور القائم، والسعادة المستمرة في مقعد صدق عند مليك مقتدر<·
الفرحة الأولى للصائم
إذا أفطر الصائم فرح بفطره، لأن النفس لا تعرف قيمة النعمة إلا إذا حرمت منها، وإن إلى حين، ولا تعرف ميزة الصحة إلا إذا عانت من المرض لفترة وإن قصرت، لأن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى ولا يعرفه ويقدره إلا الزمنى والمقعدون· وأفضل الطعام ما جاء بعد جوع، وأحسن الشراب ما ورد بعد ظمأ، فالجوع والعطش يؤدبان النفس ويهذبانها لذا قالوا: الصوم حرمان مشروع وتأديب بالجوع، فالأمن يأتي في المرتبة بعد الجوع مع أهميته للإنسان وذلك مصداقاً لقوله تعالى: (فليعبدوا رب هذا البيت· الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) قريش: 3 ـ 4، لذلك لا يعد من الإسلام أن يبيت الرجل شبعان وجاره إلى جواره جائع وهو يعلم، والجائع الذي لا يجد ما يسد رمقه لا يقام عليه الحد إذا سرق ما يسد رمقه، إذا لم يجد سبيلاً آخر يسد منه رمقه سوى السرقة، بل للجائع المضطر أن يأكل ما يسد رمقه وإن كان مماحرم الله كالميتة والخنزير حفاظاً على حياته، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على قدر حاجة الإنسان الماسة إلى الطعام والشراب، وفرحه الشديد بهما، ويزداد هذا الفرح إذا كان الطعام والشراب قد أتيا بعد أداء طاعة مشروعة، امتنع فيها الإنسان بإرادته عن شهوات نفسه وبدنه أملاً في مرضاة الله تعالى وحسن مثوبته، إنه ولا شك سيفرح فرحاً شديداً رجاء ما عند الله، وشكراً له على توفيقه إلى الطاعة ونعمة العبادة وكفى بها نعمة·
الفرحة الثانية للصائم
>إذا لقى الصائم ربه فرح بصومه< فرحاً لا حزن بعده، وسعادة لا كرب معها، وسروراً لا سوء بعده، لأنه فرح كامل، وسعادة تامة، وسرور شامل، لأن ثواب الله عظيم، وأجره جزيل، وإذا كانت الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف، فإن ثواب الصائم كثواب الصابر، والصابر سيوفى أجره بغير حساب، والله سبحانه تكفل بالجزاء على الصيام بقوله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: >الصيام لي وأنا أجزي به<، وعطاء الله غير محدود، وغير محسوب، فهو عطاء أكرم الأكرمين وفضل أرحم الراحمين، ومنحة رب العالمين، فحق للصائم أن يفرح فرحاً دائماً مستمراً، فرحاً لا يعتريه أي شائبة من شوائب الحياة، لأنه سعد بوعد الله الحق، وفرح بعطاء الله الحق، ولذا كانت وبحق فرحة الصائم فرحتان، فاللهم اجعلنا ممن يفرحون بفطرهم بعد صيامهم في الدنيا، ويفرحون بجزائك وعطائك يوم لقائك في الآخرة يا أرحم الراحمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم· | |
|